عند الحديث عن التوقعات الإيجابية لزيادة معدل النمو الاقتصادي خلال الأعوام القادمة، يتبادر الي ذهن الكثير أن هذا مؤشر لتحسن أوضاعهم المعيشية، سواء كان في شكل زيادة الأجور أو تحسن وتطور الخدمات المقدمة من الدولة، ولكن تحسن الأوضاع المعيشية لا يقترن فقط بزيادة النمو، بل يشمل أيضا التنمية الاقتصادية التي تمثل رؤية أوسع للتطوير الاقتصادي، تتجاوز مجرد الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي، وتمتد إلى تحسين مستوى معيشة الأفراد وتحقيق العدالة الاجتماعية والمحافظة على البيئة. فهناك فرق كبير بين النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية.
اولاً: النمو الاقتصادي:
يُعرف النمو الاقتصادي بأنه عملية يتم فيها زيادة الدخل الحقيقي على مدار فترة زمنية طويلة، بحيث تتجاوز هذه الزيادة معدل نمو السكان. ويتضمن ذلك توفير الخدمات الإنتاجية والاجتماعية وحماية الموارد المتجددة من التلوث والحفاظ على الموارد غير المتجددة من النضوب.
يمكن قياس النمو الاقتصادي كنسبة مئوية للزيادة المحققة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. ويمكن أيضًا قياسه وفقاً للقيمة الأسمية للناتج المحلي الإجمالي أو وفقاً لبيانات الدخل القومي الإجمالي.
للنمو الاقتصادي تأثير مضاعف، حيث يؤدي إلى زيادة الأرباح والاستثمارات والدخل وخلق فرص العمل. ولهذا تستهدف الحكومات تحقيق معدلات نمو موجبة لتحسين أوضاعها الاقتصادية وزيادة مستوى رفاهية المواطنين.
يمكن تحقيق النمو الاقتصادي من خلال اكتشاف موارد جديدة أو ابتكار تقنيات حديثة أو سلع رأسمالية أخرى.
ثانياً: التنمية الاقتصادية:
تعرف التنمية الاقتصادية بأنها عملية انتقال المجتمع من وضعه الحالي إلى وضع أفضل، وذلك من خلال التغيير الجذري الشامل في مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وتشمل التنمية الاقتصادية تحسين مستوى المعيشة للأفراد، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وحماية البيئة. كما أنها تسعى إلى تطوير القطاعات الاقتصادية المختلفة، مثل: التعليم، والصحة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا. تُعد التنمية الاقتصادية من الأهداف الرئيسية للحكومات في الدول النامية، حيث تسعى إلى تحقيقها من خلال تنفيذ سياسات وبرامج تهدف إلى رفع مستوى المعيشة وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
خصائص التنمية الاقتصادية:
تتميز التنمية الاقتصادية بمجموعة من الخصائص وهي كالتالي:
- التوجه نحو تحقيق الأهداف التنموية: تسعى التنمية الاقتصادية إلى تحقيق أهداف محددة، مثل زيادة الإنتاجية، وتحسين مستوى المعيشة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وحماية البيئة.
- الاهتمام بتحسين البيئة الداخلية: تركز التنمية الاقتصادية على تحسين البيئة الداخلية للمجتمع، مثل التعليم، والصحة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا.
- الحرص على استخدام الموارد المحدودة: تسعى التنمية الاقتصادية إلى استخدام الموارد المحدودة المتاحة بكفاءة وفاعلية، وذلك لتحقيق أهدافها.
- الاستفادة من التكنولوجيا: تعتمد التنمية الاقتصادية على التكنولوجيا الحديثة، وذلك لتحسين الإنتاجية والكفاءة ورفع مستوى المعيشة.
- الاعتماد على الجهود الذاتية: تعتمد التنمية الاقتصادية على الجهود الذاتية للمجتمع، وذلك من خلال المشاركة في التخطيط والتنفيذ.
اهداف التنمية الاقتصادية:
يوجد العديد من الأهداف الخاصة بالتنمية الاقتصادية والتي تسعي الدولة الي تحقيق هذه الأهداف وتتمثل اهم هذه الاهداف في التالي:
- زيادة الدخل القومي: وذلك من خلال زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الدخل الشخصي للأفراد.
- استثمار الموارد الطبيعية: وذلك من خلال استغلال الموارد الاقتصادية المتاحة بكفاءة وفاعلية، وذلك لتحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة.
- دعم رؤوس الأموال: وذلك من خلال توفير التمويل اللازم للاستثمار، وتحفيز الادخار.
- الاهتمام بالتبادل التجاري: وذلك من خلال تعزيز التجارة بين الدول، وفتح أسواق جديدة للمنتجات الوطنية.
- معالجة الفساد الإداري: وذلك من خلال وضع قوانين وتشريعات صارمة، وتعزيز الشفافية والمساءلة.
- إدارة الديون الخارجية: وذلك من خلال إيجاد حلول مناسبة لسداد الديون، وضمان عدم تكرار تراكم الديون في المستقبل.
متطلبات التنمية الاقتصادية:
تتطلب التنمية الاقتصادية مجموعة من المتطلبات، منها:
- التخطيط وتوفير البيانات: وذلك من خلال وضع خطة تنمية شاملة، وتوفير البيانات والمعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات.
- توفير الإمكانات اللازمة: وذلك من خلال توفير الموارد البشرية والمادية والمالية اللازمة للتنمية.
- الاستقرار والأمن: وذلك لضمان استمرارية التنمية وتحقيق أهدافها.
- نشر الوعي وثقافة التنمية: وذلك لتحفيز المجتمع على المشاركة في التنمية.
مثال على تحقيق التنمية الاقتصادية في ظل ندرة الموارد الطبيعية :تعد اليابان مثالًا على تحقيق التنمية الاقتصادية في ظل ندرة الموارد الطبيعية، حيث تعاني اليابان من ندرة الموارد الطبيعية، ولكنها استطاعت تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، وذلك من خلال التركيز على الصناعات ذات التكنولوجيا العالية، وتطوير التعليم والتدريب، وتعزيز التعاون الدولي.
مؤشرات التنمية الاقتصادية:
تمر أي دولة بمجموعة من التقلبات الاقتصادية، والتي تؤثر على مستوى النشاط الاقتصادي، وقد تنعكس هذه التقلبات سلبًا على مستويات الإنتاج، والعرض، والطلب، والأسعار. لذلك، فإن وجود مجموعة من الأدوات لقياس الأداء الاقتصادي أمر ضروري لتقييم الوضع الاقتصادي للدولة، واتخاذ القرارات المناسبة لتعزيز التنمية. تُعرف المؤشرات الاقتصادية بأنها مجموعة من الإحصائيات والتقارير الاقتصادية التي تستخدم في قياس أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة. وتُستخدم هذه المؤشرات لقياس الأداء الاقتصادي، وتقييمه، والتنبؤ بحالة الاقتصاد في المستقبل، وبناء خطط التنمية الاقتصادية.
ومن أهم مؤشرات التنمية الاقتصادية ما يلي:
الناتج المحلي الإجمالي (GDP):
يعتبر الناتج المحلي الإجمالي من أهم المؤشرات الاقتصادية، حيث يعكس حجم الاقتصاد الكلي للدولة. ويُعرف الناتج المحلي الإجمالي بأنه إجمالي قيمة السلع والخدمات المنتجة داخل حدود الدولة خلال فترة زمنية معينة، بغض النظر عن ملكية هذه السلع والخدمات.
الناتج القومي الإجمالي (GNP):
يُعرف الناتج القومي الإجمالي بأنه إجمالي قيمة السلع والخدمات المنتجة داخل الدولة وخارجها خلال فترة زمنية معينة. ويختلف الناتج القومي الإجمالي عن الناتج المحلي الإجمالي في أنه يشمل قيمة السلع والخدمات المنتجة خارج الدولة من قبل مواطني الدولة.
معدل النمو الاقتصادي:
يُعرف معدل النمو الاقتصادي بأنه نسبة الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال فترة زمنية معينة. ويُستخدم معدل النمو الاقتصادي لقياس أداء الاقتصاد على المدى الطويل.
معدل التضخم:
يُعرف معدل التضخم بأنه نسبة الزيادة في الأسعار خلال فترة زمنية معينة. ويُستخدم معدل التضخم لقياس مستوى الأسعار في الاقتصاد.
معدل البطالة:
يُعرف معدل البطالة بأنه نسبة السكان القادرين على العمل وغير المشتغلين إلى إجمالي السكان القادرين على العمل. ويُستخدم معدل البطالة لقياس مستوى التشغيل في الاقتصاد.